نبض العراق/بغداد
قرر رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، اليوم الأحد، تشكيل لجنة تحقيقية عليا تختص بقضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية، فيما اكد أن الحكومة ستعلن قريباً اسماء المتورطين بعمليات الاغتيال التي رافقت تظاهرات تشرين.
وقال الكاظمي، في كلمة له بذكرى يوم العاشر من محرّم الحرام، وتابعتها (نبض العراق) إن "الأحداث والتحديات الكبيرة في تأريخ الأمم كانت على الدوام دروساً للاستفادة منها وتحويلها الى طاقة بناء وإنتاج وتدعيم لقيم المجتمع، وفي حالات معلومة فإن عدم الاستفادة من الدروس قد يتحوّل الى طعن في صميم هذه الأمة".
وأضاف، أن "العراقيين واجهوا كلّ التحديات وحملوا عبء الجراح القاسية على أكتافهم، جيلا بعد جيل، ووصلوا الى اليوم هذا، وهم شعب متنوّع موحّد يستظل بخيمة العراق .. العراق العظيم، ولم يكن ذلك ليحدث لولا أن العراقيين قد حوّلوا دروس التأريخ الى مادة إنتاج اجتماعي والى قيم إنسانية أخلاقية عالية".
وتابع: "أيتها الأخوات والأخوة الذين أحيوا ليلة استشهاد الإمام الحسين وأخيه العباس وصحبهم، مشكورين لالتزامكم بقواعد التباعد الاجتماعي التي فرضها وباء كورونا، العراق باقٍ عبر التأريخ لأن شعبه استفاد من دروس الماضي وحوّلها الى مادة للتماسك الاجتماعي، وليس الحروب الأهلية والانتقامات".
وأكد، ان "دم الحسين ع ودماء كلّ الشهداء، أمس واليوم وغداً، نبتَ على إثرها وعطرها كلّ شجر النخيل العراقي.. وافتدت كلّ العراقيين .. كلّ قطرة دم شهيد رسالة لنا جميعاً مفادها :(إياكم وروح الانتقام ..إياكم والكراهية ..احتضنوا بعضكم وعمّروا وطنكم، لا تهدموه.. العراق أولا.. العراق ثانيا وثالثا .. العراق أولا.. هذا هو الحسين الذي تربينا على قيمه جيلاً بعد جيل .. الحسين الذي افتدى بروحه الإسلام .. وشرّف بجسده أرض العراق .. الحسين.. الذي عاش رمزاً عندما انتهى أثر قاتليه ، كما سينتهي أثر كلّ سافك لدماء العراقيين المعصومة، بغير حق".
وأردف بالقول: "أهلي .. أتقدّم بأسمى التعازي الى المرجعية الرشيدة ومقامها الأعلى ،سماحة السيد علي السيستاني، أدام الله ظله، المرجعية التي حافظت على إرث الحسين المتسامح .. ورفضت الزجّ بمبادىء وقيم الحسين (عليه السلام) في المناورات السياسية أو الطائفية، المرجعية التي حمت تراث آل البيت ، تراث التكافل الاجتماعي، والامتداد العلمي والأخلاقي والديني .. والرؤية الوطنية الصادقة".
واستطرد: "شعبنا الحبيب .. شعب العراق العظيم أنهينا المرحلة الأولى من التزام هذه الحكومة بالتقصّي عن الحقائق حول أحداث تشرين، بجرد أعداد الشهداء والبدء بتسليمهم استحقاقاتهم القانونية، كما بدأنا بجرد الجرحى وسوف ننهي استحقاقاتهم. وفي الوقت الذي ندعم فيه حرية التعبير ونؤكد أن التظاهرات السلمية العراقية هي مسار إصلاح وتصحيح ، نؤكد أن كرامة قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية ليست محل جدال ، وأننا لن نتوانى عن تطبيق القانون ضد المعتدين على الأملاك العامة والخاصة والمسيئين الى مبدأ التظاهر السلمي".
وشدد، على أن "الاعتداء على الأجهزة الأمنية والكوادر الطبية وهيبة الدولة والقانون سوف نواجهه بأشد الإجراءات القانونية، ونهيب بعشائرنا الأصيلة رفض مايرتكب باسمها من تجاوزات".
ولفت، إلى أن "الدعوات التي نسمعها الى حمل السلاح ستواجه بقوة القانون ، الدولة فقط من تتحمّل المسؤولية ، مسؤولية الاقتصاص.. الدولة لا تنتقم ، الدولة تشيع العدل وتأخذ بحق الضحية عبر معاقبة المعتدي، علينا الخيار بين الدولة .. واللا دولة .. الدولة فيها جدار من قيم الإمام الحسين .. جدار من قيم الإنسانية ، من قيم الإمام الحسين (عليه السلام) وآله وصحبه ، ومن تضحيات العراقيين، لن نسمح أن يجرّنا أحد أو طرف أو نية خبيثة الى اللا دولة".
وأكمل قائلاً: "هذا المصطلح هو نتاج سنوات من الطعن بالهوية العراقية وبالعراق ، ووجود العراق وشعب العراق ، ولن يستمر هذا الطعن، وسوف تستعيد الدولة عنوانها".
وبشأن الانتخابات، قال الكاظمي، إن "الانتخابات المبكرة هي التزامنا الثابت أمام شعبنا ،وقد أوفت الحكومة بالتزامها وفق المنهاج الوزاري الذي صوّت عليه مجلس النواب الموقّر عبر تحديد موعد الانتخابات"، داعياً كلّ العراقيين الى "الاستعداد من خلال التسجيل في البطاقة البايومترية التي نعتبرها ضرورية لضمان نزاهة الانتخابات.. تسابقوا في ضمان أن يصل مستوى التسجيل الى كلّ مستحق للتصويت".
وخاطب، المعنيين بالمسار السياسي السلمي والمطالبين بالدولة والحفاظ على الدولة وهيبة الدولة، بدعوتهم إلى "الاستعداد وتهيئة الأرضية للتنافس الشريف وفق القواعد القانونية في انتخابات مبكرة نزيهة وعادلة"، مطالباً القوى السياسية والفعاليات الشعبية بـ"التوحد في هذه المرحلة الحسّاسة.. والحكومة راعية للجميع بالتساوي".
وكشف، عن "تشكيل لجنة تحقيقية عليا، مرتبطة بمكتب رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى ، والجرائم الاستثنائية، وسوف تمنح كلّ الصلاحيات المطلوبة لتحقيق هيبة القانون في المجتمع واستعادة حقوق الدولة والمواطن من الفاسدين والمعتدين".
وأشار، إلى ان "الحكومة لديها الإصرار للتمسك بالتزاماتنا ، وسنكون على العهد أوفياء مع شعبنا للعبور بهذه المرحلة الى برّ الأمان"، مؤكداً أن "السلاح المنفلت وعصابات الجريمة والاغتيال والخطف هي خنجر في قلب الوطن وفي قلب كلّ عراقي ، وقد تحركت القوى الأمنية بكلّ طاقتها وتجري تحقيقات موسّعة سنعلن عنها حال اكتمالها من أجل إنصاف عوائل الضحايا ومعاقبة المرتكبين".
وختم بالقول: "ليس هناك أحد فوق القانون .. ليس هناك أحد فوق العراق .. العراق العظيم.. قال الإمام الحسين (عليه السلام ) مقولته الشهيرة: "هيهات منا الذلة"، ورددت الأجيال بعده : "ياحسين بضمائرنا"، رسالة عاشوراء هي رسالة السلام، رسالة الحسين هي السلام".
كيف تشاهد تصميم الموقع