نبض العراق/متابعة
وتسمى الفيروسات المتحورة بالسلالات، ولمعظم التغييرات تأثير ضئيل أو معدوم على خصائص الفيروس، وفقا لمنظمة الصحة العالمية (دبليوإتش أو)، والكثير منها يختفي بمرور الوقت.
ولكن من حين لآخر يكون الفيروس محظوظا من خلال التحور بطريقة تساعده على البقاء والانتشار.
ويراقب الخبراء في جميع أنحاء العالم الطريقة التي تطور بها فيروس سارس كوف 2 ( فيروس كورونا) حتى تتمكن الحكومات من الاستجابةللتغيرات المهمة في الفيروس.
ما هي السلالات الرئيسية؟
يهتم الخبراء بأربع سلالات مختلفة من فيروس سارس كوف 2 وهي ألفا (تم العثور عليها لأول مرة في بريطانيا)، وبيتا (جنوب إفريقيا)،وغاما (البرازيل) ودلتا (الهند).
وتم تصنيفها جميعا على أنها سلالات مثيرة للقلق من قبل منظمة الصحة العالمية لأنها تشكل خطرا متزايدا على الصحة العامة من خلالجعل الفيروس أكثر قدرة على العدوى، أو التسبب في مرض أشد، أو تمكين الفيروس من مقاومة اللقاحات في نسبة أكبر من الحالات.
وتم اعتبار مجموعة فرعية أخرى من السلالات "ذات أهمية" لأنه وجد أنها تسببت في مجموعات من الأمراض أو تم رصدها في بلدان عديدة.
وقررت منظمة الصحة العالمية تسمية تلك السلالات بالأحرف الأبجدية اليونانية لتجنب ربطها بالبلدان التي تم التعرف عليها فيها لأول مرة.
ما هي سلالة دلتا؟
تم تركيز الكثير من الاهتمام مؤخرا على سلالة دلتا والتي ثبت أنها تمثل تهديدا أكبر على الصحة العامة مقارنة بالسلالات السابقة.
معدل العدوى بهذه السلالة أعلى بحوالي 60 في المئة من معدل عدوى بسلالة ألفا، والتي لديها بالفعل معدل عدوى أعلى بنسبة 50 في المئةمقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا.
وتسببت سلالة دلتا بالفعل في موجة ثانية قاتلة من الإصابات في الهند في أبريل/نيسان ومايو/آيار الماضيين، وأصبحت أيضا السلالةالمهيمنة في بريطانيا.
وتم رصد هذه السلالة في أكثر من 90 دولة حول العالم، مع تأكد تفشيها في الولايات المتحدة والصين وإفريقيا والدول الاسكندنافية ومنطقةالمحيط الهادئ.
وتُظهر بيانات بريطانيا أن الأشخاص المصابين بسلالة دلتا ولم يتلقوا اللقاح أكثر عرضة للدخول إلى المستشفى بمرتين من أولئك الذينأصيبوا بسلالة ألفا.
وأظهرت الدراسات أيضا أن سلالة دلتا مرتبطة بأعراض مختلفة مقارنة بالسلالات السابقة لفيروس كورونا.
وأعراض كوفيد-19 الكلاسيكية المقرة من قبل خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا هي السعال المستمر والحمى وفقدان حاسة الشم أوالتذوق.
ويقول البروفيسور تيم سبيكتور، الذي يدرس أعراض كوفيد من خلال تطبيق زوي كوفيد، إنه على الرغم من أن الحمى لا تزال شائعة جدا فيسلالة دلتا، إلا أن فقدان حاسة الشم لم يعد من بين أبرز عشرة أعراض لها.
ويعد الصداع والتهاب الحلق وسيلان الأنف من أكثر الأعراض المرتبطة بالعدوى بهذه السلالة في بريطانيا.
ويوضح البروفيسور سبيكتور إن ذلك يجعل الفيروس يبدو وكأنه "نزلة برد شديدة" بالنسبة للشباب مما يزيد من خطر حملهم للفيروس دونأن يدركوا ليواصلوا نقل العدوى لأشخاص آخرين.
ماذا عن سلالتي دلتا بلس ولامدا؟
وأدرجت الهند في 23 يونيو/حزيران الماضي تحور دلتا بلس، وهو من أشكال سلالة دلتا الحالية، من بين السلالات المثيرة للقلق.
وقد تم وصفها لأول مرة من قبل هيئة الصحة العامة في انجلترا بأنها مماثلة لدلتا ولكن مع طفرة إضافية (كي 417 إن) فيسبايك البروتينالذي يمكن الفيروس من ربط نفسه بالخلايا المصابة.
وتم العثور على دلتا بلس في 9 دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبرتغال وسويسرا واليابان وبولندا ونيبال وروسياوالصين.
وتقول وزارة الصحة الهندية إن سلالة دلتا بلس تنتشر بسهولة أكبر، وترتبط بسهولة أكبر بخلايا الرئة، ويحتمل أن تكون مقاومة لنوع منالعلاج يسمى العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة.
لكن علماء الفيروسات البارزين يقولون إنه لا توجد بيانات كافية لدعم هذه الاستنتاجات ولم تصنفها منظمة الصحة العالمية على أنها مصدرقلق أو اهتمام.
ومع ذلك، فقد أضافت منظمة الصحة العالمية مؤخرا سلالة لامدا إلى قائمة السلالات ذات الأهمية.
وقد ارتبطت هذه السلالة بحالات كوفيد في العديد من البلدان لا سيما في أمريكا الجنوبية ومنطقة الأنديز (بيرو وتشيلي والأرجنتينوالإكوادور).
وتم العثور على هذه السلالة في 29 دولة، وفقا للمبادرة العالمية لمشاركة بيانات أنفلونزا الطيور التي تتبادل أيضا البيانات حول فيروسكورونا.
وقال بابلو تسوكاياما، عالم الجراثيم من جامعة كاييتانو هيريديا في بيرو وأحد الباحثين وراء تحديد السلالة الجديدة، لبي بي سي: " إنه منالمرجح أن سلالة لامدا أكثر قابلية للعدوى فهذه هي الطريقة الوحيدة لشرح نموها السريع".
وأضاف قائلا: "إن الحقيقة البسيطة المتمثلة في أن هذه السلالة أكثر قابلية للعدوى تعني المزيد من الحالات التي تدخل إلى المستشفياتوالمزيد من الوفيات".
ويقول البروفيسور تسوكاياما إن الأدلة تشير إلى أن هذه السلالة قد تسبب المزيد من المشاكل المعوية، ولكن الأدلة محدودة فيما يتعلق بما إذاكانت أكثر مقاومة للقاحات.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم تأثيرها الكامل.
هل توفر اللقاحات الحماية من السلالات؟
لحسن الحظ، أظهرت الدراسات أن اللقاحات المتوفرة مازالت فعالة ضد السلالات الجديدة لسارس كوف 2.
لكن فعاليتها تقل ضد السلالات الأحدث مقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا، خاصة بعد جرعة واحدة فقط من اللقاح.
ففي دراسة أجرتها هيئة الصحة العامة في إنجلترا، قدمت جرعة واحدة من لقاح فايزر أو أسترازينيكا 33 في المئة فقط من الحماية ضدسلالة دلتا، مقارنة بـ 50 في المئة ضد سلالة ألفا. ومع ذلك، ارتفعت هذه المعدلات بعد الجرعة الثانية إلى 88 في المئة للقاح فايزر، و 60 فيالمئة للقاح أسترازينيكا.
وأكدت دراسة منفصلة أجرتها جامعة أكسفورد أن لقاحي فايزر وأسترازينيكا كانا فعالين ضد سلالتي دلتا وكابا اللتين تم رصدهما فيالهند.
وأشار الباحثون في مجلة سيل إلى السلالتين برمز النسب المشترك بينهما، قائلين: "لا يوجد دليل على عدوى واسعة النطاق، مما يشير إلىأن الجيل الحالي من اللقاحات سيوفر الحماية ضد سلالة بي1.617".
ولكن نظرا لأن اللقاحات ليست فعالة بنسبة 100 في المئة، فإن السلالات ستؤدي أيضا إلى حالات دخول المستشفيات وحتى الوفيات بينالأشخاص الذين تم تلقيحهم، كما تقول المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) خاصة بين الأشخاص الذينأخذوا جرعة واحدة فقط من اللقاح.
ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنه تم تطعيم أكثر من 144 مليون شخص بشكل كامل في الولايات المتحدة حتى 14 يونيو/حزيران الماضي، كما شهدت نفس الفترة 3729 حالة إصابة بالعدوى و 671 حالة وفاة.
كيف يمكننا مكافحة السلالات الجديدة؟
استجابة للانتشار السريع لسلالة دلتا في بريطانيا، تعمل الحكومات في إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا الشمالية على تقليص الفجوة الزمنية بينالجرعتين الأولى والثانية من اللقاح للمجموعات الأكبر سنا.
فقد أصبح بإمكان من تجاوز من العمر 40 عاما الآن حجز المواعيد بعد 8 أسابيع، وهي فجوة زمنية أقصر من الأسابيع الـ 12 السابقة، معإجراء التلقيح أيضا في عطلة نهاية الأسبوع.
لكن زيادة وتيرة التلقيح تمثل تحديا خاصة بالنسبة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
في الهند، على سبيل المثال، حصل أقل من 4 في المئة من السكان على اللقاح الكامل، مع 18 في المئة فقط حصلوا على جرعتهم الأولى،وفقا للنشرة العلمية "عالمنا في بيانات".
لذلك، يؤكد الخبراء هناك على أهمية مراقبة الفيروس من خلال تسلسل الحمض النووي مما يعني فحص عينات من الفيروس لتحديد الطفراتالجينية.
كما يؤكد البعض على الحاجة إلى اتخاذ تدابير لخفض الإصابات والتعامل مع الوباء على المدى الطويل.
ويقول عالم الأوبئة الدكتور لاليت كانت: "نحتاج إلى بذل المزيد من الجهد في رصد التسلسل لتحديد السلالات الخطرة مبكرا وتطبيقإجراءات الاحتواء".
وقد بدأت الهند في الانفتاح ويعتقد الدكتور كانت أن موجة ثالثة أمر لا مفر منه.
ويقول الدكتور كانت: "لكن يمكننا تأخير الموجة الثالثة واحتواءها بإجراءات مناسبة مثل رصد التسلسل لمراقبة الطفرات، والتطبيق الصارملإجراءات الأمان".
ويقول البروفيسور إس في سوبرامانيان، من مختبر الإحصاءات الجغرافية بجامعة هارفارد: " إن البلدان لن تكون قادرة على تحصينطريقها للخروج من الوباء".
ويدعو إلى مزيد من التركيز على العلاجات وتجهيز نظام الرعاية الصحية من ناحية الأسرة وأجهزة التنفس الصناعي والأكسجين والعاملينفي قطاع الصحة.
وأضاف قائلا لبي بي سي: "في رأيي، لا توجد طريقة يمكننا من خلالها الانتصار على الفيروس الذي يبدو أنه يتحور، ولكن يمكننا بناءأنظمة تطمئن الناس إذا احتاجوا إلى الرعاية بأنها متوفرة ويمكن الوصول إليها بأسعار معقولة".
وتابع قائلا: "لقد حان الوقت لإعادة توجيه الجهود نحو العلاجات وتقوية أنظمتنا الصحية".
كيف تشاهد تصميم الموقع