نبض العراق/ بغداد
خلال الأسابيع القليلة الماضية بدأت الحوادث الامنية في المناطق المحررة تشهد تحولاً تزامناً مع ظهور "جماعات الكاتيوشا" في بلدات تقع شمال بغداد. ويطلق على الخلايا المسلحة التي تستهدف المعسكرات والمنطقة الخضراء في بغداد، بـ"جماعات الكاتيوشا".
وتأتي هذه التحولات، في الوقت التي تشهد فيه بغداد توترا كبيرا مع حلول ذكرى أول صدام مباشر بين القوات الاميركية وفصائل مسلحة قبل عام. وفي كانون الاول 2019، أعلنت الولايات المتحدة استهداف كتائب حزب الله- احد فصائل الحشد الشعبي- بهجوم في قضاء القائم التابع لمحافظة الانبار، قبل ايام قليلة من اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد ابو مهدي المهندس والجنرال الايراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد.
بعد مجزرة الفرحاتية
يقول مصدر سياسي في صلاح الدين : "في الشهرين الماضيين بدأت تتكرر هجمات الكاتيوشا، وهو سلاح لا يستخدمه داعش في العادة".
وبعد حادثة الفرحاتية ــ الواقعة جنوب تكريت ــ التي راح ضحيتها نحو 12 شخصا واتهم حينها فصيل مسلح عن الحادث الذي وقع في تشرين الاول الماضي، طالب نواب صلاح الدين في مؤتمر صحفي، بـ"اخراج الحشد الشعبي" من المحافظة.
وقال شعلان الكريم، وهو نائب سابق عن صلاح الدين : حينها، ان "هذه المطالبات قدمت الى رئيسي الوزراء السابقين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي، لكنهما التزما الصمت".
وأثارت قضية الفرحاتية، موجة غضب كبيرة، واتهم بها فصيل عصائب أهل الحق المنضوي في هيئة الحشد الشعبي.
وقال محمد البلداوي، النائب عن عصائب اهل الحق : حينها، ان "اخراج الحشد من صلاح الدين يعني عودة داعش".
وعقب احداث الفرحاتية، بدأت بعض الفصائل بالتقرب الى السكان المحليين في صلاح الدين لترميم صورتها، لكن ليس هذا كل ما فعلته.
يرجح المصدر السياسي في صلاح الدين ان "بعض الحوادث الامنية مفتعلة لاعطاء صورة بأهمية بقاء الحشد في تلك المناطق".
مؤخرًا، ابلغت عشائر في صلاح الدين، مستشار الامن القومي قاسم الاعرجي، بانها بحاجة الى تطويع عدد من سكان بعض المناطق خاصة النائية منها، في مواجهة هجمات داعش، وكشفوا ايضا عن سلوك بعض الفصائل التي تتسبب في منع عودة مئات آلاف من النازحين.
وعند مصفى الصينية في قضاء بيجي، شمال تكريت، الذي استهدف مطلع كانون الاول بـ"صاروخ كاتيوشا"، وعطل العمل فيه لعدة ساعات، دارت اسئلة كثيرة عن معنى الهجوم في هذا التوقيت، ونوع السلاح المستخدم.
وبحسب المصادر ان بعض الفصائل "تحيط بالمصفى"، ولا يمر اي عقد او شاحنة تحميل دون ان "تعطي حصة الى تلك الجهات، والا سيتوقف العمل".
وفي الاسبوع الماضي، اعلنت قيادة عمليات صلاح الدين العثور على 41 صاروخ كاتيوشا في حملة امنية في شرقي المحافظة.
وزاد الامر غموضا حين اعلنت فرقة العباس القتالية، انها تعرضت لهجمات صواريخ في الاسبوع الماضي ايضا، بعد ايام فقط من اعلان انفصالها من الحشد الشعبي مع عدد من الفصائل، ضمن ما عرف بـ"حشد العتبات".
وسبق ان اتهم قيس الخزعلي، زعيم عصائب اهل الحق، احدى اكبر التشكيلات داخل الحشد، "حشد العتبات"، بانه مشروع "اسرائيلي".
صواريخ الجرف !
ولنفس الاسباب، يعتقد مسؤولون ان بعض الفصائل "تضخم" في حجم مخاطر داعش في مناطق جنوب بغداد.
ويقول مسؤول تنفيذي سابق في بابل طلب عدم نشر اسمه: ان جرف الصخر التابع لمحافظة بابل "هادئة الى حد كبير، وهناك مبالغات في تصوير حجم الخروقات".
وتتسرب معلومات غير مؤكدة، عن وجود زنازين لمعتقلين من الانبار في جرف الصخر، فيما قالت بعض التسريبات مؤخرا، ان اسماعيل قاآني، خليفة قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، زار البلدة مؤخراً.
وبحسب التسريبات، انه مع زيارة قاآني، نقلت صواريخ ايرانية نوع "آرش" وطائرات مصنعة في طهران الى العراق، وتم خزنها في جرف الصخر.
وبحسب تصريح رشيد العزاوي النائب عن بابل : فان جرف الصخر "منطقة عسكرية مغلقة، ولانها مهجورة ولا يدخلها احد تكثر الاشاعات عنها".
وتأتي تلك الاخبار ضمن التصعيد الجديد بين طهران وواشنطن في الذكرى السنوية الاولى لمقتل سليماني.
وقالت تقارير غربية في آب 2018، إن طهران نقلت "صواريخ بالستية" الى جماعات شيعية في العراق، فيما استغربت وزارة الخارجية العراقية في ذلك الوقت من تلك الأنباء.
وقالت تلك التقارير إن الصواريخ هي من نوع "ذو الفقار" و"فاتح-110"، و"زلزال"، ويتراوح مداها بين 200 و700 كم، الأمر الذي يضع مدينتي الرياض (عاصمة السعودية) وتل أبيب في مرماها.
داعش يخلط الأوراق
بالمقابل، مازال تنظيم داعش نشطا في غربي صلاح الدين، وهي المناطق المرتبطة بالجزيرة، ضمن ممر التهريب الذي يستخدمه التنظيم الى الحدود السورية.
ويقول وسمي الصحن، وهو عضو سابق في مجلس صلاح الدين : ان "داعش متواجد في منطقة الجزيرة، وهي مناطق اغلبها فارغة من القوات الامنية".
واحبطت الاستخبارات العسكرية في وقت سابق، عملية إطلاق صواريخ، كان مقرر لها ان تستهدف مناطق سكنية في محافظة صلاح الدين ويعتقد ان داعش وراءها.
وقالت الاستخبارات في بيان، إنه تم "احباط عملية اطلاق صواريخ من منصة في منطقة تلول الباج في وادي الثرثار بمحافظة صلاح الدين والاستيلاء على المنصة".
وأوضح البيان أن المنصة "عبارة عن راجمة محلية الصنع عيار 107 ملم كان الإرهابيون يرومون بها استهداف قطعاتنا الأمنية والمناطق السكنية بالمحافظة".
ويشير الصحن الى منطقة محصورة بين "تلول الباج والحضر، جنوب الموصل، فارغة من السكان ومن القطعات العسكرية".